وأصدق مثال يطرح في هذه العجالة على ما نقول تلك الجموع التي تتوافد بالآلاف وعشرات الآلاف على مدار اليوم والليلة قاصدة المسجد الأقصى بين قيام الليل او أداء صلاة الفجر او الصلوات الخمس او صلاة التراويح ، ومثال آخر ذلك الحضور البارز لجمهور النساء أمهات وأزواج وبنات وأخوات وشقائق الرجال من خلال احياء دروس المصاطب في قبة الصخرة والمصلى المرواني على مدار أيام الأسبوع ، قبل أداء صلاة الظهر ، وبرز في هذا الحضور التعطش لمجالس العلم رغم كونها تدار في كل قرية ومدينة في ربوع بلادنا إلا أنها وفي المسجد الأقصى لها مذاق آخر ، وكأنك في مجالس العلماء تتنسم في عبق فقهاء الماضي ليحيا الأقصى وبالتالي تحيا النفوس وتعلو الهمم ،فبوركتن يا شمعات الاقصى فهذه الدروس بمبادرة من مؤسسة " مسلمات من اجل الأقصى " ، وأجمل منها تلك المتابعة لمجالس العلم في حافلات البيارق في الذهاب والإياب فما يلبث الواحد منا الا وقد وصل الى المسجد الأقصى أو الى بيته وذلك للبرامج الشيقة التي تدار في الحافلات ، مما يجعلك تقف مشدودا أمام هذا المشهد من رب العالمين وكأني به سبحانه قد بعث ملائكته لتعين الحافلات لتصل على بركة الله وعلى عين الله ، وفي هذا لا نملك سوى ان نقول لإخواننا سائقي الحافلات والمرشدين والمرشدات جزاكم الله عنا وعن الاقصى خير الجزاء .
وحدّث أحدهم عن حوار دار بين مرشد من المرشدين وشيخ كبير : قال الشيخ للمرشد : لو أنكم تطالبون الناس بدفع أجرة باص البيارق لما شدّ الرحال أحد من الناس الى المسجد الأقصى ، ويبدو أن الناس طمعت بكل شيء دون مقابل ، فتدخل احد سائقي الحافلات في هذا الحوار ردا على الشيخ الكبير قائلا: والله يا عم لَسْتُ لهذا الكم الهائل من الذين يشدون الرحال الى المسجد الأقصى أعجب ، ولكن الذي أثار عجبي شيء آخر ، والله يا عم لقد جمعت حافلة البيارق ابن العائلة هذه مع ابن باقي العائلات والكل يتناول أطراف الحديث الودي والكل يعين بعضهم بعضا، وحتى أنهم يقومون بإكرام الواحد الآخر من خلال إطعام الطعام وإفشاء السلام الأمر الذي لا تجده في البلدة ولا حتى في المناسبات الأخرى ، نعم إنها بركات البيارق وبركات شهر الخير وبركات المسجد الأقصى وفوق كل هذا توفيق الله العظيم .